فصل: الأطباء العصريون الذين تولوا العلاج في مارستان قلاوون:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ البيمارستانات في الإسلام



.المارستان المنصوري في نظامه العصري:

بعد الشريف السيد قاسم التونسي لم أعثر على طبيب آخر تولى العلاج في المارستان المنصوري، والظاهر أن أمر المارستان كان مهملا من العلاج في الفترة بين وفاة التونسي سنة 1797م وهو العام السابق على الحملة الفرنسية، من سنة 1799م إلى سنة 1801. قال المسيو جومار أحد علماء الحملة: إن هذا البناء الذي كان فيما غبر من الأيام ملجأ مفتوحا من الشدائد قد اضمحلت حالته بعد ذلك وزالت عنه السعادة الأولى التي كان يرفل في حلاها، أو بعبارة أخرى كاد لا يبقى منه غير ظله بسبب ظلم الترك والمماليك وإهمالهم ولا سيما تبديد أمواله. ثم بلغ غاية اضمحلاله في سنة 1856م وهجره المرضى ونقلت منه المجانين إلى يوم بولاق، وأجرت قاعاته ومرافقه، كأنه وكالة لمخازن الصناع وتجار النحاس، وظل كذلك إلى سنة 1879 أي نحو ثمانين عاما إلى أن تولى المرحوم الدكتور حسين عوف بك أمر العلاج فيه فانتقل بذلك إلى العصر الجديد في العلاج، وتولى بعده في العلاج بالمارستان وغيره من الأطباء العصريين، إلى أن صحت عزيمة مصلحة الأوقاف في ذلك الزمن على تجديد بناء المارستان المنصوري في الحوش الواسع المتخلف عن المارستان القديم. فابتدأت في البناء وتشييد المارستان الجديد في عام 1912م وقدر له من النفقات 8400 جنيها مصريا ثم رتب عليها ستمائة جنيه فبلغ ما أنفق على تجديد البناء تسعة آلاف من الجنيهات وصرف نحو ستمائة جنيها ثمنا للأدوات والآلات اللازمة. وتم بناءه وابتدأ العلاج فيه في 15 إبريل سنة 1915 حيث كانت الحرب العالمية مشتعلة الأوار في ذلك الزمن، فلم يحتفل بافتتاحه كما جرت العادة بذلك.
ولا تزيد أوقات مارستان قلاوون في الوقت الحاضر على الحمام المجاور للمارستان وبعض دكاكين في الصناعة المجاور. ويبلغ ريع هذه الأوقاف نحو ألفي جنيه تقريبا ويصرف من هذا الريع على مدرسة النحاسين والمسجد والتربة والمارستان وتسد وزارة الأوقاف النقص في النفقات من الأوقاف الخيرية الأخرى. ففي تأريخ 3 جمادى الآخر سنة 1314هـ الموافق 9 نوفمبر سنة 1896م صدرت إرادة سنية من الخديوي عباس باشا الثاني بناء على فتوى شرعية تقضي بتوحيد حسابات جميع الأوقاف الخيرية وجعلها كلها حسابا واحدا إيرادا ومصروفا، تتصرف فيه وزارة الأوقاف بحسب ما تراه من أعمال الخير، فلا تتقيد بإيراد كل وقف ومصروفه على حدته إذ كان غرض الواقفين عمل الخير، وذلك ابتداء من شهر يناير سنة 1897م.
والعلاج في مستشفى قلاوون الآن خاص بأمراض العيون وفيه قسمان قسم للعلاج الخارجي تفحص فيه المرضى وتعالج ثم تنصرف إلى منازلها، وقسم داخلي فيه نحو تسعين سريرا يقيم فيها المرضى للعلاج حتى يشفوا من أدوائهم. وفيه من الأطباء نحو ستة وصيدلاني وكتبة وممرضون وممرضات وطباخ وغسالون وسائر ما يلزم من الخدم وكان جملة ما ينفق عليه في سنة 1927 نحو 6231 جنيها مصريا.

.الأطباء العصريون الذين تولوا العلاج في مارستان قلاوون:

إن أول من عانى العلاج في بيمارستان قلاوون من الأطباء العصريين بعد الفترة الكبيرة بعد السيد قاسم بن محمد التونسي هم:
1 - الدكتور حسين عوف بك: تخرج من مدرسة القاهرة ثم اختير للسفر إلى بلاد النمسا سنة 1845م حيث أتقن علم الرمد وعاد منها سنة 1846م وعين أستاذا للرمد بمدرسة الطب سنة 1848م وكان برتبة الصاغ قول أغاسي وذلك في عهد سعيد باشا والي مصر. وفي سنة 1867 أنعم عليه بالوسام المجيدي الرابع. وظل أستاذا إلى أن أحيل على المعاش سنة 1879 وخلفه أبنه أستاذا بمدرسة الطب وقد كان مساعدا له في عمله فيها وبعد إحالته على المعاش تولى العلاج في مارستان قلاوون وتوفى سنة 1883م.
2 - الدكتور محمد عوف باشا: هو أبن الدكتور حسين بك عوف السابق، تعلم بمدارس مصر ثم دخل مدرسة القصر العيني وأرسل بعد ذلك إلى فرنسة في بعثة طبية سنة 1862م لإتقان أمراض العيون، وعاد منها سنة 1870م فعين بمدرسة الطب طبيبا مساعدا لوالده في الكحالة، ولما أحيل والده على المعاش، تعين في مكانه أستاذا وطبيبا للرمد في مدرسة الطب ومستشفى القصر العيني وذلك في 2 نوفمبر سنة 1879 وأستمر في وظيفته نحو ثلاثين عاما ثم أحيل على المعاش وأنعم عليه الخديوي عباس باشا برتبة الميرميران باشا في سنة 1902 ثم تولى العلاج في مارستان قلاوون بعد ذلك وتوفى سنة 1908م.
3 - الدكتور سعد سامع بك: ولد بالإسكندرية سنة 1851 وتعلم الطب بالقاهرة وتخرج سنة 1871 وخدم طبيبا بالجيش المصري وتنقل بين وظائفه والوظائف المدنية إلى سنة 1886 ثم سافر إلى باريس لإتقان فن الكحالة وفي سنة 1895 في عهد الخديوي عباس باشا الثاني عين طبيبا كحالا بمارستان قلاوون ومفتشا صحيا في ديوان الأوقاف معا. وفي سنة 1898 أنعم عليه بالرتبة الثانية ويلقب صاحبها بلقب بك وأحيل في سنة 1911 على المعاش وتوفى في 27 فبراير سنة 1917 ودفن بالقاهرة وله جملة مؤلفات منها:
1 - مرشد الطبيب للعلاج المجيب طبع 1316هـ - 1899م.
2 - رسالة بالفرنسية طبعت في باريس سنة 1890 عنوانها:
3 - رسالة في الالتهاب الملتحمي الغشائي الكاذب طبعت سنة 1312م.
4 - تقرير بالفرنسية عنوانه قدمه إلى المؤتمر الطبي الرمدي المنعقد في القاهرة في 19 - 23 ديسمبر سنة 1902م.
4 - الدكتور محمد شاكر بك: تعلم علومه في مصر ثم أتم علومه في فرنسة وعين أول الأمر طبيبا بالخاصة الخديوية وفي يناير سنة 1912 نقل إلى مارستان قلاوون عالج فيه الرمد إلى سنة 1915 حيث أحيل على المعاش.
5 - الدكتور محمد طاهر بك: ولد بدمياط ونشأ وتعلم الطب بمدرسة القصر العيني وتخرج سنة 1904 وعين طبيبا بمستشفيات الرمد المتنقلة التابعة لوقفية السير أرسنت كاسل. وقي سنة 1906 عين طبيبا مساعدا للرمد في مستشفى القصر العيني وفي سنة 1909 أنتقل إلى مصلحة الصحة مفتشا لمستشفيات الرمد. وفي سنة 1914 ألحق بوزارة الأوقاف وعين رئيسا قلاوون إلى سنة 1918 ثم عين مدرسا للرمد بمدرسة الطب في يونية سنة 1912 ثم استقال في السنة نفسها.
6 - الدكتور سالم هنداوي بك: ولد بسنجلف من أعمال إقليم المنوفية ونشأ بالقاهرة، وحصل على إجازة الطب في سنة 1910 وعمل في المستشفى العباسي الذي أنشأه الخديوي عباس باشا طبيبا للرمد. وفي سنة 1918 عين مديرا وكحالا لبيمارستان قلاوون ولا يزال يعمل فيه إلى الآن.

.البيمارستان المؤيدي:

قال تقي الدين المقريزي: هذا المارستان فوق الصوّة تجاه طبلخاناه قلعة الجبل حيث كانت مدرسة الأشرف شعبان أبن حسين التي هدمها الناصر فرج بن برقوق هو حيث كان باب المدرسة إلا أنه ضيق عما كان أنشأه الملك المؤيد شيخ في مدة أولاها جمادى الآخرة سنة 821 وآخرها رجب سنة 823 ونزل فيه المرضى في نصف شعبان وعملت مصارفه من جملة أوقاف الجامع المؤيدي المجاور لباب زويلة، فلما مات المؤيد في ثامن المحرم سنة 824 تعطل ثم سكنه طائفة من العجم المستجدين في ربيع الأول منها. وصار منزلا للرسل الواردين من البلاد إلى السلطان ثم عمل فيه منبر ورتب له خطيب وإمام ومؤذن وبواب وقومة وأقيمت به الجمعة في شهر ربيع الآخر سنة 925 فأستمر جامعا تصرف معليم أرباب وظائفه المذكورين من وقف الجامع المؤيدي.
وقد ذكر تقي الدين المقريزي هذا المارستان في كتاب آخر من كتبه بالنص الآتي: في شهر ربيع الآخر سنة 825هـ في سلطنة الملك الأشرف سيف الدين أبو النصر برسباي الدقمقاقي الظاهري الجركسي عمل المارستان المؤيدي الذي بالصوَّة تحت القلعة جامعا تقام فيه الجمعة والجماعة، وكان المؤيد قد جعل هذا الموضع مارستانا ونزل به المرضى. فلما مات لم يوجد في كتاب الوقف المؤيدي له جهة مصرف فأخرجت المرضى منه وأغلق وصار منزلا للرسل والواردين من ملوك الشرق فبقى حانة خمار برسم شرب المسكرات وضرب التنابير وعمل الفواحش ومع ذلك تربط به الخيول فكان هذا منذ مات المؤيد إلى هذا الوقت توفى المقريزي سنة 845هـ فطهره الله من تلك الأرجاس وجعله محل عبادة ولقد تخرب هذا المارستان وامتدت إليه الأيدي بالهدم والبناء حتى ضاعت معالمه وظل مجهولا ومطموسا بين العمارات والمساكن قرونا عديدة لا يعرف مكانه ولا يعرف عنه شيء حتى قيض الله له لجنة حفظ الآثار العربية فزارت مكانه وكتبت عنه تقريرا في سنة 1894 باعتباره أثر يستحق العناية والحفظ كغيره من الآثار، ولم يكن يرى فيه سوى أنه بناء أثري بجانب مسجد الحاج أحمد أبي غالية من الجهة القبلية في حارة السكري بشارع المحجر. وكان الجدار الجنوبي أو القبلي لمسجد أبي غالية هو الوجهة البحرية من هذا البناء الأثري. وكان في هذا الجدار بعض النقوش والمقرنصات وفيه باب صغير تحت بوابة فخمة البناء لا تزال موجودة كاملة ويبعد عن ذلك ببضع خطوات بعض جدران هذا الأثر القديمة وفيها بعض النوافذ.
وقد تبين للجنة أن مسجد أبي غالية يستند جداره القبلي على تلك البوابة الفخمة للمارستان المؤيدي ويحجبها عن الأنظار حجابا تاما فقررت الجنة لكشف هذا الأثر إزالة المسجد المتجدد فظهرت واجهة البيمارستان بجمالها وفخامتها ورونقها وما فيها من بديع النقوش والزخرفة وعنيت اللجنة بإرجاع البيمارستان إلى حالته الأصلية بقدر ما تسمح به حال الموجود من آثاره. والمنتظر - نظرا لصعوبات قضائية شرعية بالنسبة لإزالة مسجد الحاج أحمد أبي غالية - تحويل المارستان بعد ترميمه وإصلاحه إلى مسجد أو مصلى وذلك تحقيقا لتمسك المحكمة الشرعية بإعادة بناء مسجد أبي غالية.

.وقف البيمارستان المؤيدي:

لما أنشأ الملك المؤيد شيخ المحمودي الجامع العامر الرحب بباب زويلة وأنشأ خانقاه للصوفية والبيمارستان للمرضى والصهاريج للسقاية، أوقف على ذلك كله أوقافا جمة من عقار وطين وكتاب وقفه مذكور في الخطط التوفيقية لعلي مبارك باشا بالتفصيل الوافي فاختصرناها وأثبتنا منها ما يخص البيمارستان فقط وهنا بعض ما اخترناه منها:
ومن هذه الأوقاف الكبيرة العظيمة يرتب طبيبا طبائعيا وكحاللا وجرائحيا و.. إلخ ولكل منهم ثلاثون نصفا في الشهر وجعل النظر عليه لنفسه ثم للأرشد فالأرشد من ذريته الذكور خاصة لكن بالاشتراك مع من يكون داودارا كبيرا ومع كاتب السر مجتمعين غير منفردين، فإن تعذر لذريته كان النظر للداودار وكاتب السر معا ويصرف لكل منهما خمسمائة نصف شهريا وإن تعذر فلحاكم المسلمين بالديار المصرية.
وتأريخ الحجة رابع جمادى الآخرة سنة 823هـ 1420م.

.بيمارستانات العراق والجزيرة:

.بيمارستانات بغداد:

.بيمارستان الرشيد:

أمر هارون الرشيد خامس خلفاء بني العباس والذي تولى الخلافة سنة 171هـ 786م جبريل بن بختيشوع أن ينشئ بيمارستانا في بغداد فأنشأه ورشح لرياسته الخوزي من أطباء بيمارستان جنديسابور وتولى جبريل رعايته.

.بيمارستان البرامكة:

جاء في كتاب الفهرست: أن من نقله الهند والنبط أبن دهني الهندي وكان إليه بيمارستان البرامكة ونقل إلى العربي من اللسان الهندي وجاء فيه أيضا عن كتاب أنه تفسير أبن دهني صاحب البيمارستان ففيهم من ذلك أنه كان للبرامكة في بغداد بيمارستان وكان أبن دهن طبيبا له.

.بيمارستان أبي الحسن علي بن عيسى:

في سنة 302هـ 914م اتخذ الوزير أبو الحسن علي بن عيسى بن الجراح البيمارستان بالحربية وأنفق عليه من ماله وقلده أبا عثمان سعيد بن يعقوب الدمشقي متطببه وهو أحد النقلة المجيدين وكان منقطعا إليه.

.بيمارستان بدر غلام المعتضد:

قال ثابت بن سنان بن ثابت بن قُرَّة في بيمارستان بدْر ما يأتي: كانت النفقة على البيمارستان الذي لبدر غلام المعتضد بالمخرم من ارتفاع وقف سجاج أم المتوكل على الله. وكان الوقف في يد أبي الصقر وهب بن محمد الكلوذاني وكان قسط من ارتفاع هذا الوقف يصرف إلى بني هاشم، وقسط إلى نفقة البيمارستان وكان أبو الصقر يروح على بني هاشم مالهم ويؤخر ما يصرف إلى نفقة البيمارستان وبضيقه فكتب والدي أي والد ثابت وهو سنان بن ثابت بن قرَّة إلى أبي الحسن علي بن عيسى بن الجراح يشكو إليه هذا الحال ويعرفه ما لحق المرضى من الضرر بذلك وقصور ما يقام لهم من الفحم والمؤن والدثار وغير ذلك عن مقدار حاجتهم؛ فوقع على ظهر رقعته إلى أبي الصقر توقيعا نسخته: أنت أكرمك الله على ما ذكره وهو غليظ جدا والكلام فيه معك خاصة فيما يقع منك يلزمك وما أحسبك تسلم من الإثم فيه وقد حكيت عني في الهاشميين قولا لست أذكره وكيف تصرفت الأحوال في زيادة المال أو نقصانه ووفوره أو قصوره ولا بد من تعديل الحال فيه بين أن تؤخذ منه وتجعل للبيمارستان قسطا بل هو أحق بالتقدم على غيره لضعف من يلجأ إليه وعظيم النفع به فعرفني أكرمك الله ما النكتة في قصور المال ونقصانه في تخلف نفقة المارستان هذه الشهور المتتابعة وفي هذا الوقت خاصة الشتاء واشتداد البرد. فأحتل بكل حيلة لما يطلق لهم ويعجل حتى يدفأ من البيمارستان من المرضى والممرورين بالدثار والكسوة والفحم ويقام لهم القوت ويفصل لهم العلاج والخدمة، وأجبني بما يكون منك في ذلك وأنفذ لي عملا يدلني على حجتك وأعن بأمر المارستان فضل عناية إن شاء الله.

.بيمارستان السيدة:

في أول المحرم سنة 306هـ فتح أبو سعيد سنان بن ثابت بيمارستان السيدة أم المقتدر، وقد اتخذه بسوق يحيى على نهر دجلة وجلس فيه ورتب ببغداد المتطببين وقبل المرضى. وكانت النفقة عليه في كل شهر ستمائة دينار على يدي يوسف بن يحيى المنجم لأن سنان لم يدخل يده في شيء من نفقات البيمارستان وقال ابن تغري بردي: كان مبلغ النفقة عليه في العام سبعة آلاف دينار.